الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

طلّـــــــة + (تحديث)










المدونة - الباش مهندسة - الجميلة ميرام أبهرتني الصراحة لما كملت القصيدة من وحيها المثمر فحبيت إني أضيفه للبوست - بعد إستئذانها طبعا . . 



مصطفي فوزي



هي حالة إسمها والشكـل هالة
فوق راسها منورة بتقول تعالي
هي مين دي وجت منين
شفتها وكأني سكران للثمالة

ضمة شفاهها والجدايل مفروشين
غمزة غارزة والعيون مدوّرين
صوتها عالي
تشوفها تسمع عصفورين متولّفين

باينة هادية . . بس هي في الحقيقة شادية
روحها فايتة . . قلبي منها راح بقاضية
واللي زاد وكأني تايه
من بسمة بس . . حسيتها عني الدنيا راضية

في وسطهم فاكرينها مش في الضيّ
حاسبين عيونها طفلة بضفيرة في الحي
وأنا وحدي ولو يحسوا
شايفها جنة في أرضنا أبدا ملهاش زي

 عارفة حاسة , شايفة راسية . . بعقل دافي
رحت مني , يوم بطوله , لو قصادها لأ مش كافي
مالية بحنانها المكان
واللطافة , والشياكة , واللباقة , ويّا إحساسها الخرافي

إنسانة حرة . . جواها بالمللي زي اللي بره
مش عارفها بس بعرف , لو شفت درة
نفسي أقرب
نفسي أقولها , نفسي تبقي لعيني قرة



ميـرام عـلي



هي حالة .

.
والكلام اصبح في حضرتها استحاله


حاجة بتشدك بتنده جوه ودنك ..


مش هتبعد .. لأ ..تعالى ..


هي احسـاس السراب

 ..
فين حقيقته من خياله ..


وانت نفسك.

.
بس توصل للدلاله


هي لحظة فايته منك 

..
وانت متشعبط في ساعه !


هي ترياق السعاده


وانت معدوم المناعه ..


هي قطة 

..
فيها اضداد الشراسه


والوداعـه 







الجمعة، 14 أكتوبر 2011

شــــيرين








خيم الليل سريعا هذا اليوم علي غير العادة , ومر السكون متكررا يحمل هبات النسيم البارد التي تنذر بشتاء قاسي لا محالة , بينما جلس هو ثابت كالصخر , خارجيا علي الأقل يتوجس نظرات الآخرين خشية إستشعارهم بضعفه الناتج عن قلة خبرته , وحيلته . فالنوبتجية اليوم تضج بالوجوه الواجمة العاكفة علي شئونها الليلية من قيد وتسديد لمحاضر شابت شعور موقّعيها حتي إستقرت حيث تتواجد الآن , في حين ظل هو علي حاله ينتظر بعثات القدر . لم تكن للدبورة الصغيرة المستقرة أعلي كتفه أن تمنحه ما يشتاق إليه من خبرة وحنكة يكفلان له التيقن من سطوته , فطنته التي يحلم بها وينتظرها .


هو الآن الآمر الناهي - هذا ما كتب علي الورق المرسل المنزّل - الجامع الموزع للأدوار المحرّض المُخلّص , علّه يُجبر علي التعلم كما إعتاد أسلافه , فالعلم هنا بالتجربة , وبالتجربة وحدها يحلو النجاح , ويُتجاهل الفشل , كما قالوا . تصاعدت أنفاسه الساخنة رويدا رويدا مع تساؤلات ذاك العابر عن رقم قضية تشغله , راقب مط شفاهه العميق متفهما , متقهقرا عائدا من حيث أتي مجددا . ساد الصمت القاتل مرة أخري وكأن لا أحد يشكو اليوم , حتي تعالي علي خجل حفيف أحد الأحذية الرخيصة يتهادي صاحبه وكأن هناك ما يثقله , إلتـفت الملازم نحوه يستشف ما أتي به , إقترب العجوز حاملا حمله تنكمش ملامحه المختلطة بها الشفقة بالضيق , وصل حتي ذلك الرخام البارد وألقي بما في جعبته , مهتما سأله :

_ خير يا حاج ؟
_ أبدا يا بني , خير إن شاء الله , الظاهر الناس قلوبها ماتت , حد برضو يرمي ضناه .


تناهي إلي مسامعه ذلك الأنين الأشبه بالبكاء المختلط بالهمهمة , وتنبه لثقل تمتلئ به تلك "القفّة" التي وضعها الرجل أمامه , عقد حاجبيه تتردد أنامله حتي جذبها من طرفها , ويالشدة دهشته . ظهرت ملامحه شيئا فشيئا , آخر من توقع أن يراه اليوم , تلك العينان شبه المغلقة التي تتأمله في أمل , تلك اللثة المستوية المحمرة التي تظهر كلما تسائل عن مصيره , تلك الأصابع الدقيقة التي تحاول التشبث بالهواء , أو بإصبع أول من يناوله إياه ليستمد منه بعضا من أمان إفتقده منذ خرج إلي الحياة , ذلك الجسد المسجي حائرا باحثا عمّن يضمه ليدفئه ويحميه من صقيع الوحدة الموحشة . .

_ إبن مين ده يا حاج ؟
_ إبن قلب قاسي ولا بيرحم يا بني , ربنا يتولاه برحمته , هو الكافي .


خفق قلبه وإقشعر بدنه بقوة كما لم يشعر من قبل , لم يدر لم لم يود أن يمسه , لم يقترب بالمرة أية مرة من طفل بذلك الحجم من قبل , لم يداعب أحدهم أبدا ولم يع كيف , لاحظ أخيرا صمته الغريب , وكأنه – الطفل – من قرر أن يمنحه السكون اللازم للتفكير . تجاهل العجوز تماما بغير عمد , فقط لم تقو عيناه علي أن تفارق ملامح الطفل المرتعشة , حائران إثنان لا يعلم أيهما مصيره برفقة الآخر . ألقي العجوز بكلمة ما ظنها إستكمالا لنعيه صعوبة الموقف , ثم سأله عما ينبغي من فعل . . الحقيقة وما إعترف به – لنفسه – أن ما كان يخشاه يوما قد حدث , ود طوال الفترة القصيرة التي مرت به ضابطا للمرة الأولي في حياته ألا يقع في موقفا لا يدر به ما عليه فعله , مرت بخاطره كافة الدروس – أو كما يمكن أن تسمي – التي تلقاها مسبقا حول المحاضر المختلفة والأسئلة التي يفترض سؤالها , لم تكن سبا أو ضربا أو سرقة أو نصبا أو فقدا أو غيرها من الأحوال المعتادة , لم تكن لمحاضرات مسارح الجريمة وتدريبات الرماية واللياقة كذلك أن تسعفه . الآن الموقف يحتاج إلي حسم أكثر منه إجراء .

_ علي فكرة دي بنت .


تعجب كيف لم ينتبه لتلك السيدة التي دلفت تستقر أمامه , بجوار الرجل , تعبث بالـ"قفة" وما بداخلها . صاح بها لا إراديا حين فوجئ بأصابعها تنتهك حرمة الطفل دونما إستئذان , عنفها مجددا حين لم تقر بسبب تواجدها في حضرته . زفرت السيدة نفسا متقطعا بأنه القدر من أرسلها لتطلعهم عما رأت , وأن من بعثها من مرقدها بالبيت إلا لتطمئن علي ما تجهل ماهيته , أو ما كانت قبل الآن . تعجب منها العجوز وخجل من جهله وتسرعه بالحكم علي جنس المولودة دونما نظر , إنصرفت السيدة كما أتت .


إقترب منهما دونما نظر , فقط تتابع عيناه ملفا يدسه بين تلال الأوراق القابعة بأحد الأركان المزدحمة , أمينا كان , مهنة لا صفة , توالت ملاحظاته الباردة وعباراته البذيئة المكتومة وكأنما يوميا يلتقط لقيطا فيودعه أيا مكان ما أودع سالفه , رمقهما أخيرا , الضابط والعجوز , بخفة لزجة نزقة , يرتاب مشاهده فيم جعله لينتهي به الحال حيث يُخدم الشعب وتصرّف الأمور لا حيث تقطع الطرق وتنهب الجيوب , أو كما يفترض . قالها كما بدت :

_ إفتح محضر يا بيه وإكتب زي ما هقولك .


إنقبضت ملامحه لوهله كما إعتاد كلما سمعها , لا بأس الآن , فالأيام بيننا , والخبرة تحكم الموقف الآن , كما إعتقد . زفر أنفاسه منكفئا علي أوراقه يبتلع غصته مفكرا فقط في طفلته . . تعجب ساخرا حينما بدرت منه . أملاه ما يجب أن يستفسر ويسأل ويبحث , وأجاب العجوز بما أملاه ضميره , كانت كما لاقاها حيث الزاوية قرب الناصية , حيث إعتاد أن يمر في طريقه عائدا من صلاة الفجر , إستوقفته خربشتها كهريرة نسيتها أمها أثناء بحثها عن مرقد جديد لقطيطاتها , إلتاع لرؤيتها بهذا الخلاء , أو رؤيته كما ظن حينها , هرع يجثو علي ركبتيه يتفحص هل لازال تدفق الحياة حاضرا بهذا الجسد الواهن الضئيل , تعجب كيف أتي ومن أين . نظر حيث الخلاء لا سواه من حوله , ووجده يحمله نحو الطريق متلهفا .

_ مش جناية . . عادي يعني .

قالها المقتضب بخشونته المعتادة معلنا – إثر نظرة سريعة – عقد الحبل السري , ليس جنينا لحظيا بل تم الإهتمام به لساعات علي الأقل , رآها فقالها العجوز بتفهم قلق . تتابعت اللحظات تحمل بطيّاتها نبضا لقلبا دقيقا يبث زخاته في المكان , يبعث علي تفاؤل لإنقاذ روح وتشاؤم لمصيرها المنتظر . تراقصت أصابعه تنهي محضره , تنفلت نظراته نحو "القفة" يتفقدها , يحتويها بإحساسه المفاجئ بالمسئولية نحو ما بداخلها , حفزها بداخله تحفز العجوز منتظرا دعوة للرحيل , قد أوشك . مواءا أو أشبه يتصاعد كل حين , وكأنما تذكرهم بوجودها , أنا هنا لا تنسوني , أنتم أعلم بما أحتاج !


_ سمّي يا بيه وإتكل علي الله .

قالها الأمين ولم يستوعبها للحظات , بسم الله الرحمن الرحيم قالها بحذر أشبه بالسخرية مستفهما , تهكم الأول شارحا , أنت من يتولي الآن , مسئولا رغما عنك عم خطت يداك , إستكمل دورك الآن , سمّها . . إرتفع حاجباه مصحوبان بغصة في حلقه متعجبا , لم أنا . . ألمجرد إسمي أعلي السطور , أتحمل مسئولية دهور ! . . مرت لحظات أخري ثابتة , صامتة , عاجزة عن فرض قرار . منفعلا مذهولا تتبادل نظراته مع من حوله , مستمدا شجاعته منهما ليفعلها , حتي قالها . . 

_ أنا كده يا بني عملت اللي عليا . . السلام عليكم .

لم يعره إهتمام بمجرد مبادلته الرد , رغم إندهاشه بلا مبالاته . عاد لحيرته واقفا محملقا بها , وكأنما يسألها عما تحب أن تسمي , أو يقنعها بما جال بخاطره , لا لا . . لا يصلح . .

_ خللي بالك عشان المحضر ما يرجعش . . خليك في المضمون .

لم يدركها أولا كالمتوقع , حتي ظهرت جلية . من هو ليقرر من هي , من هو ليقرر حياتها وسلوكياتها ومبادئها وكيانها بأكمله , من هو ليقرر عقيدتها وقناعاتها وثوابتها , من هو ليقرر ديانتها ! . . لن تصلح فاطمة وخديجة , وكذلك ستخفق فيفيان وكريستين . . عقد حاجبيه شاردا , متعمقا بثقافته وعالمه المحيط عله يجد ما يبحث عنه , ما يطمئن ألّن ينفرها . . بحث بعيدا , ثم إبتسم حين وجد قريبا . . وكأنما أراده إسما يتعرفه , إسما يعرفه ويحنو له , إسما يشعره بقلة غربته . . فلم تكن سوي شقيقته . . شيرين .


مهر توقيعه بإبتسامة قبل أن يعاجله . . لم ينته الأمر بعد . . أتكون وحدها من لا إسم لها , يُكتب بكراس يخصها . فهم سريعا هذه المرة ما يحتاج إليه . . أدرك مجددا حاجته للوسطية , لا لمحمد ولا لجرجس , فقط ما بينهما . ثانية توجه – ضاحكا هذه المرة – نحو الجانب الآخر , شقيقه و . . جده .

_ شيرين شريف كمال

قالها بثقة مانحا إياها صلة إسمية به لن ينساها مطلقا , مفتون هو إذ قرر ذلك , مهموم بالقضية والموقف , مشدود . نالت منه بحق وتمني خلاصا يمنحه إطمئنانا لمثواها الأخير بالنسبة إليه والأول لها . لم يدر لأين تكون مصائرهم , اللقطاء كما أسمونهم حين أُلتقطوا , اللهثاء لدفء يحوي ضعفهم وحنان يدنو نحوهم . .


فركت أصابعه ببعضها البعض شاردا , كانت الليلة بنهايتها الروتينية نحو إزدحام خجل يفضي ليوم شاق كعادته . زفر نفسا عميقا معلنا يأسه من الإنتظار , جز أسنانه للمرة المليون إمعانا في التيقن مما يعتريه من ضيق , إنتفض ضاغطا بأوتاره وأربطته حتي إنتصب , إلتفتت ملامحه متأهبا نحو من أرسل منذ دقائق . . كانت اللحظات الأولي تنبئ بصعوبة الأمر , والتالية بإستحالته , ود لو يدعها تحت نظراته المتفحصة إلا أن المناخ القاسي حال دون ذلك , فكانت الحضانة المجاورة – بمشرفتها المقيمة – أولي بذلك حتي الصباح . وصلت لتوها تتهادي , إن جاز قولها . وصلت وقد طال إنتظارها بغية توديعها , إلتحما معا وقد بدا وجهها مشرقا بعد ليلة هادئة , بإبتسامة جانبية شعر بخفة روحها , ففطن لوجوب الفراق قبل سيطرة الهوي . حملته قدميه نحو الطريق وحتي المكان المنشود , بصحبة مساعدا يصحبه . دارا لرعاية الطفولة كان إسمها , حيث علم بوجوب إيداعها , هبط متثاقلا تعثّر قدمه الأخري وكأنهما تأبيا , بينما تعجّله خشيته من حمل يثقل حيلته ويقضي مضجعه خشية تأثره بضعف أبوته .


حيته متبسّمة تحفزه بحذر , فطنت لحيرته وكادت تضحك لفرط نقاوته وبراءة نيته . أجلسته ودعته لتتولي عنه حمله , تخلت أصابعه بصعوبه عنها مترددا حتي أذعن مقتضبا , مسئولة كانت , حانية دافئة علي غير العادة , تلقائية روتينية علي غير ما تمني وإن كانت العادة . أنهت أوراقها سريعا فأيقن أنها النهاية أو كادت . . 

_ ممكن تكمل بياناتها ؟ . . إسم الأم .

كاد يضحك من فرط ما تحمل , وكأنك تبتكر أسرة علي الورق , كيانا عائليا خياليا يقيها شر الخجل أو بعضه حين تُسأل , يمنحها أملا حيث لن يبقي أمل , يمنحها إسما لتحب , لتشتاق لرؤيته حين تأتيها ليلة العيد وحيدة كل عام , حين تأبي ألا تتجاوز عيد الأم دونما أن تشكر أحدا , ستأتي يوما لتأخذني , ستذكرني يوما لا محالة , حين تلتق روحينا قبل جسدينا في إشتياق لعناق طال إنتظاره , ستمنحني السكينة والقوة لأستمر , لمستها الحنون بعد السنوات العجاف . .


رمقها وكأنها تبادله النظر , لا يرون الأشياء بعد , قالتها المسئولة ليبدي عدم إهتمامه , إستند بمرفقيه علي الطاولة التي تحملها الآن وران الصمت للحظات وسط النظرات , بينما رفض كفه إلا أن يداعبها آخرا , فإلتقط هاتفه وإختلس من الحياة لحظة بصورة قرر أن تلازمه بعدما . . الوداع الآن , وكأنها تضحك لتخفف من حدة الموقف , وكأنها تبدي إنصياعها لما سيأتي وتترفق بقلبه الذي يقطر مرارا , زفر بأن لا مشكلة , بأن تلك هي الحياة ولا داعي للقلق , بأنك تبالغ حتما , إقتنع مرغما وأنهي معاملته ومنحها نظرة أخيرة وإستدار مغادرا , خرج إلي الشارع فإصطدمت به الحياة بزحامها وضجيجها وعنفوانها , مرت ساعات وإستعادت حياته سكونها وصخبها المعتاد , عادت الطيور تصدح بمرورها بصفاء السماء الزرقاء , ومرت مجددا السيارات بأنوعها بذاك الميدان المزدحم دوما , وعاد المواطنون يتوافدون علي أكشاك الجرائد وأفران الخبز بتعجل يشوبه التوتر , وعادت البراءة تقتحمه كل حينما .