الغالبية العظمي
من مؤيدي عبدالناصر ومحبيه - وقتها وحتي يومنا هذا وبعد إرتفاع أسهمه
بغباء الجماعة السياسي - كان بشكل أساسي بسبب تحديه للـ"إقطاعيين" لصالح "الغلابه"
، ثم ظهر خطابه القوي تجاه الولايات المتحدة الأمريكية والإملاءات الخارجية عامة . كان بسبب تحديه
للإسلاميين بمرشدهم الراغبين في خنق الشعب بـ"الطرحة" ، ثم جاء تحديه الجرئ للعالم بتأميم قناة السويس . كان لحرب الإستنزاف
ضد إسرائيل أيضا تأثيرا كبيرا . لم يكن التأييد راجعا كثيرا لإنقلابه علي الملك أو
نظامه الإشتراكي أو الإذاعة والتليفزيون أو التعليم الجيد أو منح المرأة مزيدا من
الحقوق أو أو ..
أما عن السادات
، الرجل الثاني ، فالغالبية العظمي من تأييده وحبه ، في الماضي والحاضر أيضا ، كان
بسبب طرده للخبراء الروس العجائز الممثلين لهيمنة روسية ، وإنتصار أكتوبر الذي
إسترد الكرامة المفقودة - دون خوض في تفصيلات خططه العسكرية مثار الجدل . كان أيضا
لصولاته وجولاته في ليبيا تارة وفي الجزائر تارة أخري ، لسخريته من دول لها أكشاك
علي الخليج ! ولم يكن لإعادته العمل بالأحزاب أو لإنشائه مدنا جديدة بأهداف صناعية .
كذلك مبارك من
بعدهما ، كان العامل المؤثر تحديدا في دعمه في قلوب الأعم من المصريين ، هو قوة
وبطش شرطته لكلا البلطجية ، والإسلاميين وإرهابهم المحتمل – صدقا كان أم إفتراءً .
كان لرمزية الضربة الجوية الأولي في الحرب ضد العدو . كان لقوة نظامه التي أشبعت
بنا جميعا العبارة الشهيرة : "إنت مش عارف إنت بتكلم مين !" . كان
التأييد لـ"صلابته" و"ثباته" في إقرار السلام مع إسرائيل . لم
يكن إطلاقا للمترو أو للكباري ، ولا لشرم الشيخ .
حَلِم الإسلاميون أيضا ورأوا في محمد مرسي
الرئيس القوي ، الذي قام بالبطش بالصف الأول للعسكر ، القادر علي سحق الفلول
والعلمانيين والإشتراكيين وباقي أعداء المشروع الإسلامي ، القادر أيضا بأحلامهم
علي فرضه – المشروع – علي العالم بالقوة . المُلفت هنا أن كان الإخوان تحديدا يحملون
فقط خلاصة نقية من القوة الغاشمة والثبات في وجه العدو - وهو الأمر المحبب نظريا بمقاييس
من سبق - ولكن دونما أية إنجازات ليتجاهلها الإسلاميون بدورهم مقابل القوة ، ولو
حتي لحظية كحرب السادات ! أما العجيب ، أنهم شذّوا عن الشعب المصري وأعلنوا
إنجازات وهمية . وهي التي لم تخدع الشعب لوهمها ولكونها لا إعتبار لها أمام
المعايير المفضلة للأغلبية .
والآن يأتي لنا السيسي الذي عكف علي دعم
الجيش بإصلاحات مادية ومعنوية خلال السنة الماضية ، وأصلح كذلك الصورة الذهنية
التي أفسد المجلس العسكري منها الكثير بتكريمه – السيسي- للفريق سعدالدين الشاذلي
، وهو ما يوصّل رسالة أن المؤسسة لا تنسي أبناءها ولو بعد حين ، قام أيضا بدعوة
الفنانين لحضور تفتيش الحرب ، دعي لجلسات صلح لرموز السياسة وأرسل رسالة بدعمه
للشرطة في إتخاذ الحياد حلا . ولكن ، أتت غالبية مؤيدي الجيش في شخص السيسي من
جرأته وثباته في تحدي مرسي ثم عزله الذي مثل تحديا أكبر للمشروع الأمريكي في الشرق
الأوسط .
خلاصة الكلام ،
نحن شعب لسنا "بتوع إنجازات" ، نحن نقدّر "الفراودة" و
"العتاولة" ونحب أي "أدَرجي" ، ويؤكد ذلك كل مصطلحات الثقافة
الشعبية . "البلطجة" ستظل نسبية ومحببة بقدر تحقيقها لطموحات الشعب
العنتري ، والقوي هو من يكسب الأرض فيكسب قلب الشعب . حتي لو لم يصنع إنجازا
إقتصاديا أو ثقافيا أو إجتماعيا أو تعليميا أو صحيا أو ..
للأسف كنا ولازلنا بين قوتان
عظميتان في مصر ، الإسلاميين وذوي الخلفية العسكرية ، ولن تفرق الإنتخابات
القادمة كثيرا ! ولكن الحل لن يتأتي من جانب أولئك الحائرين بين هاتان القوتان .
الحل لدي أحدهما ، الإسلاميين .. وهو حل سيرضي كذلك الحائرين . للإسلاميين أقول :
هل تريد التخلص من شبح الفاشية العسكرية ؟ إدعو وأنصح أصدقائك حاملو السلاح ،
والإرهابيين قانونا ، بأن يرموا السلاح ويحتكموا للقانون ولرأي الشعب الذي لا تعبر
عنه فقط الصناديق .
الفاشية هي ما تصنع تمجيدا وتأليها للقوة
القادرة علي ردعها . الإسلاميين هم من يصنعون العسكر ، كما صنع العسكر الإسلاميين
، وبالصناعة هنا لا أعني الخلق ، وإنما الصعود والإمساك بأوراق اللعبة السياسية .